في سن 29 عاما، استطاعت المدربة حسناء الدومي دخول تاريخ الرياضة المغربية، بعد توليها مهمة تدريب فريق كرة قدم للرجال كأول امرأة تكلف بهذا العمل.
وتعاقدت الدومي مع فريق الفقيه بن صالح، الذي يلعب في الدرجة الثانية من الدوري المغربي، بعد حصولها على دبلوم تدريب خول لها ولوج هذا المجال.
وتعتبر الدومي من الوجوه المعروفة في ميدان كرة القدم النسائية في المغرب، حيث عرفت بداية كلاعبة قبل أن تدخل عالم التدريب وتكتب اسمها في تاريخ كرة القدم المغربية.
البداية والتشجيع
اكتشفت حسناء الدومي شغفها بكرة القدم عندما كانت تزاول الأنشطة الرياضية المدرسية في سن مبكرة، مما دفعها إلى تطوير مهارتها في هذا المجال كلاعبة ثم مدربة.
وتحكي , كيف قادها ولعها بعالم كرة القدم إلى ممارسة اللعبة في المدرسة رفقة أبناء حيها، وكيف كان الحلم الأكبر الذي يراودها حينها هو صقل موهبتها والالتحاق بفريق كرة قدم محترف.
وتؤكد المتحدثة أن "من بين العوامل التي شكلت دفعة قوية وساهمت في تألقي بعالم كرة القدم، التشجيع الكبير الذي كنت أتلقاه من قبل عائلتي، رغم نشأتي في وسط محافظ يربط أدوار المرأة داخل المجتمع بصور نمطية".
وتضيف الدومي أنه بعد سنوات من ممارسة هوايتها المفضلة داخل الأحياء بجد واجتهاد، استطاعت عام 2008 الالتحاق بفريق "أطلس 05" الذي يلعب ضمن الدوري الاحترافي الأول، وتمكنت رفقة فريقها من تحقيق إنجازات من بينها بلوغ نصف نهائي كأس العرش سنة 2014، ونهائي المسابقة ذاتها في 2018، قبل أن تتخذ قرار اعتزال لعب كرة القدم.
تدريبات مكثفة
المسار المتميز للدومي كلاعبة كرة قدم نسوية دفعها إلى التفكير في تطوير مهارتها بمجال التدريب، حيث استفادت من مجموعة من التدريبات التي أهلتها للوصول إلى قيادة سفينة فريق كرة قدم للرجال في دوري الدرجة الثانية.
وانطلقت الدومي في أولى خطواتها بعالم التدريب سنة 2014، بعد دورة تدريبية في المجال بمعهد مولاي رشيد، وفي عام 2018 تمكنت من الحصول على شهادة خاصة من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، وكانت أول سيدة تحصل على هذه الشهادة في منطقتها.
وفي عام 2022 تلقت الدومي دعوة خاصة من قبل الجامعة الملكية لكرة القدم من أجل اجتياز اختبارات شهادة تدريب تحت إشراف مسؤولين وخبراء رياضية، أشادوا بمستواها الجيد في مجال التدريب.
وتؤكد المدربة أن المشرفين على الدورات التدريبة المختلفة التي استفادت منها كانوا ينصحونها بالانتقال للاشتغال في دوري الرجال، والإشراف على إحدى الفرق التي تلعب في الدرجة الثانية.
وتقول الدومي: "إشرافي على تدريب فريق كرة قدم للرجال لم يأت من محض الصدفة، حيث عملت سابقا مدربة مساعدة لفرق نسوية، كما اشتغلت مدربة للاعبين الذكور بمدرسة تضم جميع الفئات العمرية".
صعوبات وطموح
وتسعى المدربة الشابة إلى إثبات جدارتها في مجال التدريب، من خلال قيادة فريق الفقيه بن صالح إلى بر الأمان، ووضعه في الإطار الذي يستحقه بالدرجة الثانية من الدوري المغربي.
وتعتبر الدومي أن تدريب فريق كرة قدم من الرجال خطوة مهمة وفارقة في مسارها المهني، من شأنها أن تفتح الباب أمام ولوج المزيد من النساء لمجال التدريب.
وتوضح: "من بين أبرز الصعوبات التي واجهتها كسيدة تتولى تدريب فريق للرجال، الانتقادات التي أتلقاها من بعض الجماهير التي تشكك في قدراتي على قيادة الفريق، الذي كان يعيش أزمة نتائج مما دفعه إلى تغير جهازه الفني بالكامل".
وتؤكد المتحدثة أنها تسعى اليوم إلى إثبات عكس بعض التوقعات السلبية، من خلال تحقيق نتائج إيجابية مع الفريق الذي تولت تدريبه، ويتمكن من المحافظة على مكانته في القسم الثاني.
ولا يتوقف طموح الدومي عند تدريب الرجال في الدرجة الثانية، بل تعمل مستقبلا على الاستفادة من تدريبات متقدمة والحصول على شهادات تمكنها من العمل بالدرجة الأولى في المغرب.